مجموع فتاوى أحكام الجمع و القصر في الصلاة لابن باز
س : هل صحيح أن المسافر يقصر الصلاة مهما طالت مدة السفر ولو بلغت سنين؟ أم أن هناك زمنا محددا ينتهي فيه القصر؟ وما حكم السفر في من يسافر للدراسة أو العمل خارج بلده ، هل الصحيح أنه يقصر حتى يرجع من الدراسة أو العمل؟
ج : السنة للمسافر أن يقصر الصلاة في السفر تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وعملا بسنته إذا كانت المسافة ثمانين كيلو تقريبا أو أكثر ، فإذا سافر مثلا من السعودية إلى أمريكا قصر ما دام في الطريق ، أو سافر من مكة إلى مصر أو من مصر إلى مكة قصر ما دام في الطريق ، وهكذا إذا نزل في بلد فإنه يقصر ما دام في البلد إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة في حجة الوداع ، فإنه نزل بمكة صبيحة رابعة في ذي الحجة ولم يزل يقصر حتى خرج إلى منى في ثامن ذي الحجة . وكذلك إذا كان عازما على الإقامة مدة لا يعرف نهايتها هل هي أربعة أيام أو أكثر فإنه يقصر حتى تنتهي حاجته ، أو يعزم على الإقامة مدة تزيد عن أربعة أيام عند أكثر أهل العلم . كأن يقيم لالتماس شخص له عليه دين أو له خصومة لا يدري متى تنتهي ، أو ما أشبه ذلك ، فإنه يقصر ما دام مقيما لأن إقامته غير محدودة فهو لا يدري متى تنتهي الإقامة فله القصر ويعتبر مسافرا ، يقصر ويفطر في رمضان ولو مضى على هذا سنوات .
أما من أقام إقامة طويلة للدراسة ، أو لغيرها من الشؤون ، أو يعزم على الإقامة مدة طويلة فهذا الواجب عليه الإتمام ، وهذا هو الصواب ، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم . لأن الأصل في حق المقيم الإتمام ، فإذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام وجب عليه الإتمام للدراسة أو غيرها .
وذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن المسافر إذا أقام تسعة عشر يوما أو أقل فإنه يقصر . وإذا نوى الإقامة أكثر من ذلك وجب عليه الإتمام محتجا بإقامة النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة فيها . ولكن المعتمد في هذا كله هو أن الإقامة التي لا تمنع قصر الصلاة إنما تكون أربعة أيام فأقل ، هذا الذي عليه الأكثرون ، وفيه احتياط للدين ، وبعد عن الخطر بهذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام .
والجواب عما احتج به ابن عباس رضي الله عنهما : أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عزم على الإقامة هذه المدة ، وإنما أقام لتأسيس قواعد الإسلام في مكة ، وإزالة آثار الشرك من غير أن ينوي مدة معلومة ، والمسافر إذا لم ينو مدة معلومة له القصر ولو طالت المدة كما تقدم . فنصيحتي لإخواني المسافرين للدراسة أو غيرها أن يتموا الصلاة ، وألا يقصروا ، وأن يصوموا رمضان ولا يفطروا إلا إذا كانت الإقامة قصيرة أربعة أيام فأقل ، أو كانت الإقامة غير محددة لا يدري متى تنتهي لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي كما تقدم ، فإن هذا في حكم المسافر هذا هو أحسن ما قيل في هذا المقام ، وهو الذي عليه أكثر أهل العلم ، وهو الذي ينبغي لما فيه من الاحتياط للدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقوله صلى الله عليه وسلم : فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه
وإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة تسعة عشر يوما يوم الفتح محمولة على أنه لم يجمع عليها وإنما أقام لإصلاح أمور الدين ، وتأسيس توحيد الله في مكة وتوجيه المسلمين إلى ما يجب عليهم كما تقدم ، فلا يلزم من ذلك أن يكون عزم على هذه الإقامة . بل يحتمل أنه أقامها إقامة لم يعزم عليها ، وإنما مضت به الأيام في النظر في شؤون المسلمين وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح وإقامة شعائر الدين في مكة المكرمة . وليس هناك ما يدل على أنه عزم عليها حتى يحتج بذلك على أن مدة الإقامة المجيزة للقصر تحد بتسعة عشر يوما كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وهكذا إقامته صلى الله عليه وسلم في تبوك عشرين يوما ليس هناك ما يدل على أنه عازم عليها عليه الصلاة والسلام . بل الظاهر أنه أقام يتحرى ما يتعلق بحرب ، وينظر في الأمر وليس عنده إقامة جازمة في ذلك ، لأن الأصل عدم الجزم بالإقامة إلا بدليل ، وهو مسافر للجهاد والحرب مع الروم وتريث في تبوك هذه المدة للنظر في أمر الجهاد ، وهل يستمر في السفر ويتقدم إلى جهة الروم أو يرجع؟ ثم اختار الله له سبحانه أن يرجع إلى المدينة فرجع . والمقصود أنه ليس هناك ما يدل على أنه نوى الإقامة تسعة عشر يوما في مكة ، ولا أنه نوى الإقامة جازمة في تبوك عشرين يوما حتى يقال إن هذه أقل مدة للقصر ، أو أن هذه أقصى مدة للإقامة بل ذلك محتمل كما قاله الجمهور ، وتحديد الإقامة بأربعة أيام فأقل إذا نوى أكثر منها أتم ، مأخوذ من إقامته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في مكة قبل الحج ، فإنه أقام أربعة أيام لا شك في ذلك عازما على الإقامة بها من أجل الحج من اليوم الرابع إلى أن خرج إلى منى ، وقال جماعة من أهل العلم تحدد الإقامة بعشرة أيام لأنه صلى الله عليه وسلم أقام عشرة أيام في مكة في حجة الوداع وأدخلوا في ذلك إقامته في منى وفي عرفة وقالوا عنها إنها إقامة قد عزم عليها ، فتكون المدة التي يجوز فيها القصر عشرة أيام فأقل . لأنه قد عزم عليها . وهذا قول له قوته وله وجاهته لكن الجمهور جعلوا توجهه من مكة إلى منى شروعا في السفر لأنه توجه إلى منى ليؤدي مناسك الحج ثم يسافر إلى المدينة .
وبكل حال فالمقام مقام خلاف بين أهل العلم وفيه عدة أقوال لأهل العلم . لكن أحسن ما قيل في هذا وأحوط ما قيل في هذا المقام ، هو ما تقدم من قول الجمهور ، وهو : أنه إذا نوى المسافر الإقامة في البلد أو في أي مكان أكثر من أربعة أيام أتم ، وإن نوى إقامة أقل قصر ، وإذا كانت ليس له نية محددة يقول أسافر غدا أو أسافر بعد غد ، يعني له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي ، فإن هذا في حكم السفر وإن طالت المدة . والله ولي التوفيق .
مقدار المدة والمسافة التي يجوز فيها الجمع والقصر
إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء حفظه الله وأبقاه . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : أتقدم لفضيلتكم مفيدا أنني وإخواني نملك مزرعة تقع على طريق الخرج حرض ، فهي تبعد عن الخرج حوالي 65 كم ، وعن الرياض حوالي 140 كم ، ونحن لا نقيم بها بل نسكن في مدينة الرياض ، ولكننا نذهب وباستمرار إلى المزرعة لتفقد العمل بها ومراقبة سير العمل . آمل من فضيلتكم إرشادنا وإفادتنا وفقكم الله إلى الحكم الشرعي عن جمع الصلاة وقصرها بالنسبة لنا ، وكذلك الفطر في نهار رمضان في الحالات التالية التي تمثل واقع ذهابنا باستمرار للمزرعة :
1- عندما نذهب لقضاء يوم أو بعض يوم في المزرعة لمتابعة سير العمل ؟
2- عندما نذهب لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في المزرعة للراحة والاطلاع على العمل؟
3- عندما نذهب لقضاء عطلة منتصف العام الدراسي في المزرعة للراحة ، علما بأن العطلة في الغالب تكون أسبوعين؟
4- عندما نذهب للمزرعة في نهار رمضان هل يصح لنا الفطر مع العلم أنه لا يوجد مشقة ، وفي المزرعة مساكن لنا بها جميع ما نحتاج إليه من وسائل الراحة؟
5- ما الحكم بالنسبة لمن يرافقنا في طلوعنا للمزرعة من الأقارب والأصدقاء ، وهل ينطبق عليهم ما ينطبق علينا من أحكام؟
راجين أن نتلقى إجابتكم كتابيا وفقكم الله لما يحبه ويرضاه وسدد على طريق الخير خطاكم إنه سميع مجيب . م . ع . ص . من الرياض
ج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، بعده : لا حرج في قصركم وجمعكم وفطركم في . رمضان أنتم ومن معكم إذا ذهبتم إلى المزرعة إذا كان الواقع هو ما ذكرتم أعلاه ، إلا في حالة واحدة وهي : ما إذا أجمعتم على الإقامة في المزرعة أكثر من أربعة أيام فإنكم لا تقصرون ولا تجمعون ولا تفطرون في رمضان . وفق الله الجميع والسلام .
استفتاء شخصي موجه إلى سماحته
هل الأفضل في الجمع بين الصلتتين التقديم أو التأخير
س : في الجمع والقصر ما بين الظهر والعصر ، ما هو الأفضل الصلاة بعد أذان الظهر مباشرة ، أم تأخيرها إلى منتصف الوقتين؟
ج : إن كان المسافر يريد أن يرتحل من مكانه في السفر قبل الزوال شرع له أن يصلي الظهر والعصر جمع تأخير ، أما إن كان ارتحاله بعد الزوال فالأفضل له أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ، وهكذا الحكم في المغرب والعشاء إن ارتحل قبل الغروب أخر المغرب مع العشاء جمع تأخير ، وإن ارتحل بعد الغروب قدم العشاء مع المغرب وصلاهما جمع تقديم ، هذه سنته عليه الصلاة والسلام فيما ذكرنا ، أما إن كان مقيما فهو مخير إن شاء جمع جمع تأخير وإن شاء جمع جمع تقديم ، والأفضل له أن يصلي كل صلاة في وقتها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع فإنه كان يصلي كل صلاة في وقتها . لأنه مقيم فإن دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج . لأنه صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك وهو مقيم ، وهكذا المريض يفعل ما هو الأرفق به من الجمع- أعني جمع التقديم أو جمع التأخير- فإن لم يكن عليه مشقة تدعوه إلى الجمع صلى كل صلاة في وقتها هذا هو الأفضل له وإن جمع فلا بأس .
من ضمن الفتاوى التي صدرت من مكتب سماحته .
هل الأفضل للمسافر القصر بلا جمع أو الجمع والقصر وهل بينها تلازم
س : يتصور البعض أن الجمع والقصر متلازمان ، فلا جمع بلا قصر ولا قصر بلا جمع ، فما رأيكم في ذلك؟ وهل الأفضل للمسافر القصر بلا جمع أو الجمع والقصر؟
ج : من شرع الله له القصر وهو المسافر جاز له الجمع ولكن ليس بينهما تلازم فله أن يقصر ولا يجمع . وترك الجمع أفضل إذا كان المسافر نازلا غير ظاعن كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع ، فإنه قصر ولم يجمع وقد جمع بين القصر والجمع في غزوة تبوك ، فدل على التوسعة في ذلك .
وكان صلى الله عليه وسلم يقصر ويجمع إذا كان على ظهر سير غير مستقر في مكان ، أما الجمع فأمره أوسع فإنه يجوز للمريض ويجوز أيضا للمسلمين في مساجدهم عند وجود المطر أو الدحض بين المغرب والعشاء ، وبين الظهر والعصر ، ولا يجوز لهم القصر ؛ لأن القصر مختص بالسفر فقط . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
حكم الجمع والقصر لمن دخل الوقت وهو لم يرتحل بعد
س : إذا دخل الوقت وهو في الحضر ثم سافر قبل أداء الصلاة فهل يحق له القصر والجمع أم لا؟ وكذلك إذا صلى الظهر والعصر " مثلا " لما قصرا وجمعا ثم وصل إلى بلده في وقت العصر ، فهل فعله ذلك صحيح؟ وهو يعلم وقت القصر والجمع أنه سيصل إلى بلده في وقت الثانية .
ج : إذا دخل على المسافر وقت الصلاة وهو في البلد ثم ارتحل قبل أن يصلي شرع له القصر إذا غادر معمور البلد في أصح قولي العلماء ، وهو قول الجمهور . إذا جمع وقصر في السفر ثم قدم البلد قبل دخول وقت الثانية ، أو في وقت الثانية لم تلزمه الإعادة لكونه قد أدى الصلاة على الوجه الشرعي ، فإن صلى الثانية مع الناس صارت له نافلة .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
حكم الجمع عند المطر
س : ما رأي سماحتكم في الجمع للمطر بين المغرب والعشاء في الوقت الحاضر في المدن ، والشوارع معبدة ومرصوفة ومنارة إذ لا مشقة ولا وحل؟
ج : لا حرج في الجمع بين المغرب والعشاء ولا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء للمطر الذي يشق معه الخروج إلى المساجد ، وهكذا الدحض والسيول الجارية في الأسواق لما في ذلك من المشقة . والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء
زاد مسلم في روايته : من غير خوف ولا مطر ولا سفر
فدل ذلك على أنه قد استقر عند الصحابة رضي الله عنهم أن الخوف والمطر عذر في الجمع كالسفر ، لكن لا يجوز القصر في هذه الحال وإنما يجوز الجمع فقط ، لكونهم مقيمين لا مسافرين ، والقصر من رخص السفر الخاصة . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
الموالاة بين الصلاتين عند الجمع
س : الموالاة بين الصلتتين ، إذ قد يتأخرون مدة تعتبر فصلا بين الصلتتين ويجمعون فما الحكم في ذلك؟
ج : الواجب في جمع التقديم الموالاة بين الصلتتين ولا بأس بالفصل اليسير عرفا لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي والصواب أن النية ليست بشرط كما تقدم في جواب السؤال السابق ، أما جمع التأخير فالأمر فيه واسع . لأن الثانية تفعل في وقتها ، ولكن الأفضل هو الموالاة بينهما تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
حكم جمع المسافر الصلاة في آخر يوم
س : هل يجوز للمسلم إذا كان مسافرا سفرا طويلا أن يجمع الصلاة في آخر يوم؟ - 296 -
ج : هذا منكر عظيم لم يقل به أحد من أهل العلم صائما يجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر فقط في وقت إحداهما قبل أن تصفر الشمس ، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما قبل منتصف الليل ، أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها ، بل تصلي في وقتها دائما في السفر والحضر قبل طلوع الشمس . والله الموفق .
من برنامج (نور على الدرب) .
قصر الصلاة وجمعها
للمسافر داخل المدينة
س : نحن ثلاثة أشخاص سافرنا من الرياض إلى القصيم لقضاء يومي الخميس والجمعة هناك ، فهل نقصر الصلاة ونجمعها وهل تلزمنا الصلاة مع الجماعة في المسجد؟
ج : يشرع لكم قصر الصلاة الرباعية ، أما المغرب والفجر فلا قصر فيهما ولا تلزمكم الصلاة في المساجد مع المقيمين ، فإن صليتم معهم فعليكم أن تصلوا أربعان لأن السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلت على أن المسافر إذا صلى خلف المقيم فإنه يصلي أربعا ، وعليكم أن تصلوا مع المقيمين في المساجد صلاة المغرب والفجر ، لأنه لا قصر فيهما . ولعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر أخرجه ابن ماجة والدارقطني وصححه ابن حبان والحاكم وإسناده على شرط مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم لما قال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم قال فأجب أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
ويجوز لكم الجمع بين الصلتتين ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء لأنكم مسافرون ولكن تركه أفضل لكونكم مقيمين ، وإن صليتم مع الجماعة في المساجد فلعله أفضل وأكثر أجرا .
وبالله التوفيق .
نشرت في (المجلة العربية) في شوال 1412 هـ .
المسافر له أن يصلي صلاة السفر إذا فارق عامر البلد
س : ما الحكم إذا سافر شخص بعد دخول وقت الظهر وبعد أن سار ما يقرب من عشرة كيلومترات وقف ليصلي ، هل يتم أم يقصر؟
ج : الذي عليه جمهور أهل العلم أن للمسافر أن يصلي صلاة السفر إذا فارق البلد لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقصر في أسفاره إلا إذا غادر المدينة ، فيصلي ركعتين لأن العبرة بوقت الفعل ، فإذا أذن المؤذن للظهر أو للعصر وخرج المسافر وجاوز عامر البلد شرع له أن يقصر الصلاة الرباعية فالعبرة بوقت الفعل لا بوقت الخروج من البلد ، لأنه وقت الفعل مسافر .
من برنامج (نور على الدرب) ، الشريط رقم (11) .
من سافر إلى بلد له فيها قريب مسافة قصر فيعتبر مسافرا
س : إذا سافر شخص من الرياض إلى مكة وفي طريقه مر على القصيم ويوجد في القصيم بعض أقربائه فجلس عندهم يومين ، فهل يعتبر مسافرا أو مقيما؟
ج : هذا يعتبر مسافرا ما دام في غير وطنه ، ولو كان فيه قريب له كأخ أو أخت أو غيرهما ، لكن لا يصلي وحده بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا لوجوب الصلاة في الجماعة ، أما إذا كان معه شخص آخر أو أكثر فلهم أن يصلوا قصرا ، ولهم أن يصلوا مع جماعة البلد ويتموا . أما إن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فإن عليه أن يتم الصلاة الرباعية سواء كان المسافر واحدا أو كانوا جماعة .
من برنامج (نور على الدرب) ، الشريط رقم (11) .
حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة
س: سائل يسأل ويقول سافرت إلى مكة المكرمة لأداء العمرة وأدركتني صلاة الجمعة وأنا بالقرب من إحدى المدن على الطريق وصليت الجمعة مع المسلمين في الجامع وبعد أداء الصلاة وحيث إني مسافر أقمت وصليت العصر فهل عملي هذا جائز؟ أفتونا مأجورين .
ج: ليس هناك دليل فيما نعلم يدل على جواز جمع العصر مع الجمعة ، ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، فالواجب ترك ذلك ، وعلى من فعل ذلك أن يعيد صلاة العصر إذا دخل وقتها . وفق الله الجميع .
سؤال موجه من ع . س . من الرياض في مجلس سماحته .
حكم الجمع للمقيم
س: ما حكم الله ورسوله في قوم يجمعون بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء دائما وهم مقيمون؟
ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله أن الواجب أن تصلي الصلوات الخمس في أوقاتها الخمسة ، وأنه لا يجوز أن يجمع بين الظهر والعصر ولا بين المغرب والعشاء إلا لعذر كالمرض والسفر والمطر ونحوها مما يشق معه المجيء إلى المساجد لكل صلاة في وقتها من الصلوات الأربع المذكورة ، وقد وقت الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم في أوقاتها الخمسة جبرائيل عليه السلام فصلى به في وقت كل واحدة في أوله وآخره في يومين ، ثم قال له عليه الصلاة والسلام بعد ما صلى به الظهر في وقتها والعصر في وقتها: الصلاة بين هذين الوقتين ، وهكذا لما صلى به المغرب في وقتها والعشاء في وقتها قال: الصلاة بين هذين الوقتين .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك فأجاب السائل بالفعل ، فصلى الصلوات الخمس في اليوم الأول بعد السؤال في أول وقتها وصلى في اليوم الثاني الصلوات الخمس في آخر وقتها ثم قال: الصلاة فيما بين هذين الوقتين
وأما ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة ثمانا جميعا وسبعا جميعا وجاء في رواية مسلم في صحيحه أن المراد بذلك: الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء . وقال في روايته: من غير خوف ولا مطر وفي لفظ آخر: من غير خوف ولا سفر
فالجواب أن يقال: قد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك فقال: لئلا يحرج أمته ، قال أهل العلم: معنى ذلك لئلا يوقعهم في الحرج .
وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة لسبب يقتضي رفع الحرج والمشقة عن الصحابة في ذلك اليوم ، إما لمرض عام ، وإما لدحض وإما لغير ذلك من الأعذار التي يحصل بها المشقة على الصحابة ذلك اليوم ، وقال بعضهم إنه جمع صوري وهو أنه أخر الظهر إلى آخر وقتها ، وقدم العصر في أول وقتها ، وأخر المغرب إلى آخر وقتها ، وقدم العشاء في أول وقتها .
وقد روى ذلك النسائي عن ابن عباس راوي الحديث كما قاله الشوكاني في ( النيل ) وهو محتمل ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما في هذا الحديث أن هذا العمل تكرر من النبي صلى الله عليه وسلم بل ظاهره أنه إنما وقع منه مرة واحدة ، قال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله ما معناه: إنه ليس في كتابه- يعني الجامع- حديث أجمع العلماء على ترك العمل به سوى هذا الحديث ، وحديث آخر في قتل شارب المسكر في الرابعة ، ومراده أن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الجمع إلا بعذر شرعي .
وأنهم قد أجمعوا على أن جمع النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في هذا الحديث محمول على أنه وقع لعذر جمعا بينه وبين بقية الأحاديث الصحيحة الكثيرة الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي كل صلاة في وقتها ولا يجمع بين الصلتتين إلا لعذر وهكذا خلفاؤه الراشدون وأصحابه جميعا رضي الله عنهم والعلماء بعدهم ساروا على هذا السبيل ومنعوا من الجمع إلا من عذر ، سوى جماعة نقل عنهم صاحب النيل جواز الجمع إذا لم يتخذ خلقا ولا عادة وهو قول مردود للأدلة السابقة وبإجماع من قبلهم .
وبهذا يعلم السائل أن هذا الحديث ليس فيه ما يخالف الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الجمع بين الصلتتين بدون عذر شرعي ، بل هو محمول على ما يوافقها ولا يخالفها؛ لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية يصدق بعضها بعضا ويفسر بعضها بعضا ويحمل مطلقها على مقيدها ويخص عامها بخاصها ، وهكذا كتاب الله المبين يصدق بعضه بعضا ويفسر بعضه بعضا ، قال الله سبحانه: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ وقال عز وجل: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ الآية .
والمعنى أنه مع إحكامه وتفصيله يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا ، وهكذا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم سواء بسواء كما تقدم . والله ولي التوفيق .
ج : السنة للمسافر أن يقصر الصلاة في السفر تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وعملا بسنته إذا كانت المسافة ثمانين كيلو تقريبا أو أكثر ، فإذا سافر مثلا من السعودية إلى أمريكا قصر ما دام في الطريق ، أو سافر من مكة إلى مصر أو من مصر إلى مكة قصر ما دام في الطريق ، وهكذا إذا نزل في بلد فإنه يقصر ما دام في البلد إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة في حجة الوداع ، فإنه نزل بمكة صبيحة رابعة في ذي الحجة ولم يزل يقصر حتى خرج إلى منى في ثامن ذي الحجة . وكذلك إذا كان عازما على الإقامة مدة لا يعرف نهايتها هل هي أربعة أيام أو أكثر فإنه يقصر حتى تنتهي حاجته ، أو يعزم على الإقامة مدة تزيد عن أربعة أيام عند أكثر أهل العلم . كأن يقيم لالتماس شخص له عليه دين أو له خصومة لا يدري متى تنتهي ، أو ما أشبه ذلك ، فإنه يقصر ما دام مقيما لأن إقامته غير محدودة فهو لا يدري متى تنتهي الإقامة فله القصر ويعتبر مسافرا ، يقصر ويفطر في رمضان ولو مضى على هذا سنوات .
أما من أقام إقامة طويلة للدراسة ، أو لغيرها من الشؤون ، أو يعزم على الإقامة مدة طويلة فهذا الواجب عليه الإتمام ، وهذا هو الصواب ، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم . لأن الأصل في حق المقيم الإتمام ، فإذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام وجب عليه الإتمام للدراسة أو غيرها .
وذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن المسافر إذا أقام تسعة عشر يوما أو أقل فإنه يقصر . وإذا نوى الإقامة أكثر من ذلك وجب عليه الإتمام محتجا بإقامة النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة فيها . ولكن المعتمد في هذا كله هو أن الإقامة التي لا تمنع قصر الصلاة إنما تكون أربعة أيام فأقل ، هذا الذي عليه الأكثرون ، وفيه احتياط للدين ، وبعد عن الخطر بهذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام .
والجواب عما احتج به ابن عباس رضي الله عنهما : أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عزم على الإقامة هذه المدة ، وإنما أقام لتأسيس قواعد الإسلام في مكة ، وإزالة آثار الشرك من غير أن ينوي مدة معلومة ، والمسافر إذا لم ينو مدة معلومة له القصر ولو طالت المدة كما تقدم . فنصيحتي لإخواني المسافرين للدراسة أو غيرها أن يتموا الصلاة ، وألا يقصروا ، وأن يصوموا رمضان ولا يفطروا إلا إذا كانت الإقامة قصيرة أربعة أيام فأقل ، أو كانت الإقامة غير محددة لا يدري متى تنتهي لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي كما تقدم ، فإن هذا في حكم المسافر هذا هو أحسن ما قيل في هذا المقام ، وهو الذي عليه أكثر أهل العلم ، وهو الذي ينبغي لما فيه من الاحتياط للدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقوله صلى الله عليه وسلم : فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه
وإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة تسعة عشر يوما يوم الفتح محمولة على أنه لم يجمع عليها وإنما أقام لإصلاح أمور الدين ، وتأسيس توحيد الله في مكة وتوجيه المسلمين إلى ما يجب عليهم كما تقدم ، فلا يلزم من ذلك أن يكون عزم على هذه الإقامة . بل يحتمل أنه أقامها إقامة لم يعزم عليها ، وإنما مضت به الأيام في النظر في شؤون المسلمين وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح وإقامة شعائر الدين في مكة المكرمة . وليس هناك ما يدل على أنه عزم عليها حتى يحتج بذلك على أن مدة الإقامة المجيزة للقصر تحد بتسعة عشر يوما كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وهكذا إقامته صلى الله عليه وسلم في تبوك عشرين يوما ليس هناك ما يدل على أنه عازم عليها عليه الصلاة والسلام . بل الظاهر أنه أقام يتحرى ما يتعلق بحرب ، وينظر في الأمر وليس عنده إقامة جازمة في ذلك ، لأن الأصل عدم الجزم بالإقامة إلا بدليل ، وهو مسافر للجهاد والحرب مع الروم وتريث في تبوك هذه المدة للنظر في أمر الجهاد ، وهل يستمر في السفر ويتقدم إلى جهة الروم أو يرجع؟ ثم اختار الله له سبحانه أن يرجع إلى المدينة فرجع . والمقصود أنه ليس هناك ما يدل على أنه نوى الإقامة تسعة عشر يوما في مكة ، ولا أنه نوى الإقامة جازمة في تبوك عشرين يوما حتى يقال إن هذه أقل مدة للقصر ، أو أن هذه أقصى مدة للإقامة بل ذلك محتمل كما قاله الجمهور ، وتحديد الإقامة بأربعة أيام فأقل إذا نوى أكثر منها أتم ، مأخوذ من إقامته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في مكة قبل الحج ، فإنه أقام أربعة أيام لا شك في ذلك عازما على الإقامة بها من أجل الحج من اليوم الرابع إلى أن خرج إلى منى ، وقال جماعة من أهل العلم تحدد الإقامة بعشرة أيام لأنه صلى الله عليه وسلم أقام عشرة أيام في مكة في حجة الوداع وأدخلوا في ذلك إقامته في منى وفي عرفة وقالوا عنها إنها إقامة قد عزم عليها ، فتكون المدة التي يجوز فيها القصر عشرة أيام فأقل . لأنه قد عزم عليها . وهذا قول له قوته وله وجاهته لكن الجمهور جعلوا توجهه من مكة إلى منى شروعا في السفر لأنه توجه إلى منى ليؤدي مناسك الحج ثم يسافر إلى المدينة .
وبكل حال فالمقام مقام خلاف بين أهل العلم وفيه عدة أقوال لأهل العلم . لكن أحسن ما قيل في هذا وأحوط ما قيل في هذا المقام ، هو ما تقدم من قول الجمهور ، وهو : أنه إذا نوى المسافر الإقامة في البلد أو في أي مكان أكثر من أربعة أيام أتم ، وإن نوى إقامة أقل قصر ، وإذا كانت ليس له نية محددة يقول أسافر غدا أو أسافر بعد غد ، يعني له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي ، فإن هذا في حكم السفر وإن طالت المدة . والله ولي التوفيق .
مقدار المدة والمسافة التي يجوز فيها الجمع والقصر
إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء حفظه الله وأبقاه . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : أتقدم لفضيلتكم مفيدا أنني وإخواني نملك مزرعة تقع على طريق الخرج حرض ، فهي تبعد عن الخرج حوالي 65 كم ، وعن الرياض حوالي 140 كم ، ونحن لا نقيم بها بل نسكن في مدينة الرياض ، ولكننا نذهب وباستمرار إلى المزرعة لتفقد العمل بها ومراقبة سير العمل . آمل من فضيلتكم إرشادنا وإفادتنا وفقكم الله إلى الحكم الشرعي عن جمع الصلاة وقصرها بالنسبة لنا ، وكذلك الفطر في نهار رمضان في الحالات التالية التي تمثل واقع ذهابنا باستمرار للمزرعة :
1- عندما نذهب لقضاء يوم أو بعض يوم في المزرعة لمتابعة سير العمل ؟
2- عندما نذهب لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في المزرعة للراحة والاطلاع على العمل؟
3- عندما نذهب لقضاء عطلة منتصف العام الدراسي في المزرعة للراحة ، علما بأن العطلة في الغالب تكون أسبوعين؟
4- عندما نذهب للمزرعة في نهار رمضان هل يصح لنا الفطر مع العلم أنه لا يوجد مشقة ، وفي المزرعة مساكن لنا بها جميع ما نحتاج إليه من وسائل الراحة؟
5- ما الحكم بالنسبة لمن يرافقنا في طلوعنا للمزرعة من الأقارب والأصدقاء ، وهل ينطبق عليهم ما ينطبق علينا من أحكام؟
راجين أن نتلقى إجابتكم كتابيا وفقكم الله لما يحبه ويرضاه وسدد على طريق الخير خطاكم إنه سميع مجيب . م . ع . ص . من الرياض
ج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، بعده : لا حرج في قصركم وجمعكم وفطركم في . رمضان أنتم ومن معكم إذا ذهبتم إلى المزرعة إذا كان الواقع هو ما ذكرتم أعلاه ، إلا في حالة واحدة وهي : ما إذا أجمعتم على الإقامة في المزرعة أكثر من أربعة أيام فإنكم لا تقصرون ولا تجمعون ولا تفطرون في رمضان . وفق الله الجميع والسلام .
استفتاء شخصي موجه إلى سماحته
هل الأفضل في الجمع بين الصلتتين التقديم أو التأخير
س : في الجمع والقصر ما بين الظهر والعصر ، ما هو الأفضل الصلاة بعد أذان الظهر مباشرة ، أم تأخيرها إلى منتصف الوقتين؟
ج : إن كان المسافر يريد أن يرتحل من مكانه في السفر قبل الزوال شرع له أن يصلي الظهر والعصر جمع تأخير ، أما إن كان ارتحاله بعد الزوال فالأفضل له أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ، وهكذا الحكم في المغرب والعشاء إن ارتحل قبل الغروب أخر المغرب مع العشاء جمع تأخير ، وإن ارتحل بعد الغروب قدم العشاء مع المغرب وصلاهما جمع تقديم ، هذه سنته عليه الصلاة والسلام فيما ذكرنا ، أما إن كان مقيما فهو مخير إن شاء جمع جمع تأخير وإن شاء جمع جمع تقديم ، والأفضل له أن يصلي كل صلاة في وقتها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع فإنه كان يصلي كل صلاة في وقتها . لأنه مقيم فإن دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج . لأنه صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك وهو مقيم ، وهكذا المريض يفعل ما هو الأرفق به من الجمع- أعني جمع التقديم أو جمع التأخير- فإن لم يكن عليه مشقة تدعوه إلى الجمع صلى كل صلاة في وقتها هذا هو الأفضل له وإن جمع فلا بأس .
من ضمن الفتاوى التي صدرت من مكتب سماحته .
هل الأفضل للمسافر القصر بلا جمع أو الجمع والقصر وهل بينها تلازم
س : يتصور البعض أن الجمع والقصر متلازمان ، فلا جمع بلا قصر ولا قصر بلا جمع ، فما رأيكم في ذلك؟ وهل الأفضل للمسافر القصر بلا جمع أو الجمع والقصر؟
ج : من شرع الله له القصر وهو المسافر جاز له الجمع ولكن ليس بينهما تلازم فله أن يقصر ولا يجمع . وترك الجمع أفضل إذا كان المسافر نازلا غير ظاعن كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع ، فإنه قصر ولم يجمع وقد جمع بين القصر والجمع في غزوة تبوك ، فدل على التوسعة في ذلك .
وكان صلى الله عليه وسلم يقصر ويجمع إذا كان على ظهر سير غير مستقر في مكان ، أما الجمع فأمره أوسع فإنه يجوز للمريض ويجوز أيضا للمسلمين في مساجدهم عند وجود المطر أو الدحض بين المغرب والعشاء ، وبين الظهر والعصر ، ولا يجوز لهم القصر ؛ لأن القصر مختص بالسفر فقط . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
حكم الجمع والقصر لمن دخل الوقت وهو لم يرتحل بعد
س : إذا دخل الوقت وهو في الحضر ثم سافر قبل أداء الصلاة فهل يحق له القصر والجمع أم لا؟ وكذلك إذا صلى الظهر والعصر " مثلا " لما قصرا وجمعا ثم وصل إلى بلده في وقت العصر ، فهل فعله ذلك صحيح؟ وهو يعلم وقت القصر والجمع أنه سيصل إلى بلده في وقت الثانية .
ج : إذا دخل على المسافر وقت الصلاة وهو في البلد ثم ارتحل قبل أن يصلي شرع له القصر إذا غادر معمور البلد في أصح قولي العلماء ، وهو قول الجمهور . إذا جمع وقصر في السفر ثم قدم البلد قبل دخول وقت الثانية ، أو في وقت الثانية لم تلزمه الإعادة لكونه قد أدى الصلاة على الوجه الشرعي ، فإن صلى الثانية مع الناس صارت له نافلة .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
حكم الجمع عند المطر
س : ما رأي سماحتكم في الجمع للمطر بين المغرب والعشاء في الوقت الحاضر في المدن ، والشوارع معبدة ومرصوفة ومنارة إذ لا مشقة ولا وحل؟
ج : لا حرج في الجمع بين المغرب والعشاء ولا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء للمطر الذي يشق معه الخروج إلى المساجد ، وهكذا الدحض والسيول الجارية في الأسواق لما في ذلك من المشقة . والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء
زاد مسلم في روايته : من غير خوف ولا مطر ولا سفر
فدل ذلك على أنه قد استقر عند الصحابة رضي الله عنهم أن الخوف والمطر عذر في الجمع كالسفر ، لكن لا يجوز القصر في هذه الحال وإنما يجوز الجمع فقط ، لكونهم مقيمين لا مسافرين ، والقصر من رخص السفر الخاصة . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
الموالاة بين الصلاتين عند الجمع
س : الموالاة بين الصلتتين ، إذ قد يتأخرون مدة تعتبر فصلا بين الصلتتين ويجمعون فما الحكم في ذلك؟
ج : الواجب في جمع التقديم الموالاة بين الصلتتين ولا بأس بالفصل اليسير عرفا لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي والصواب أن النية ليست بشرط كما تقدم في جواب السؤال السابق ، أما جمع التأخير فالأمر فيه واسع . لأن الثانية تفعل في وقتها ، ولكن الأفضل هو الموالاة بينهما تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك . والله ولي التوفيق .
من ضمن الأسئلة الموجهة من بعض طلبة العلم ، وطبعها الأخ محمد الشايع في كتاب .
حكم جمع المسافر الصلاة في آخر يوم
س : هل يجوز للمسلم إذا كان مسافرا سفرا طويلا أن يجمع الصلاة في آخر يوم؟ - 296 -
ج : هذا منكر عظيم لم يقل به أحد من أهل العلم صائما يجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر فقط في وقت إحداهما قبل أن تصفر الشمس ، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما قبل منتصف الليل ، أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها ، بل تصلي في وقتها دائما في السفر والحضر قبل طلوع الشمس . والله الموفق .
من برنامج (نور على الدرب) .
قصر الصلاة وجمعها
للمسافر داخل المدينة
س : نحن ثلاثة أشخاص سافرنا من الرياض إلى القصيم لقضاء يومي الخميس والجمعة هناك ، فهل نقصر الصلاة ونجمعها وهل تلزمنا الصلاة مع الجماعة في المسجد؟
ج : يشرع لكم قصر الصلاة الرباعية ، أما المغرب والفجر فلا قصر فيهما ولا تلزمكم الصلاة في المساجد مع المقيمين ، فإن صليتم معهم فعليكم أن تصلوا أربعان لأن السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلت على أن المسافر إذا صلى خلف المقيم فإنه يصلي أربعا ، وعليكم أن تصلوا مع المقيمين في المساجد صلاة المغرب والفجر ، لأنه لا قصر فيهما . ولعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر أخرجه ابن ماجة والدارقطني وصححه ابن حبان والحاكم وإسناده على شرط مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم لما قال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم قال فأجب أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
ويجوز لكم الجمع بين الصلتتين ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء لأنكم مسافرون ولكن تركه أفضل لكونكم مقيمين ، وإن صليتم مع الجماعة في المساجد فلعله أفضل وأكثر أجرا .
وبالله التوفيق .
نشرت في (المجلة العربية) في شوال 1412 هـ .
المسافر له أن يصلي صلاة السفر إذا فارق عامر البلد
س : ما الحكم إذا سافر شخص بعد دخول وقت الظهر وبعد أن سار ما يقرب من عشرة كيلومترات وقف ليصلي ، هل يتم أم يقصر؟
ج : الذي عليه جمهور أهل العلم أن للمسافر أن يصلي صلاة السفر إذا فارق البلد لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقصر في أسفاره إلا إذا غادر المدينة ، فيصلي ركعتين لأن العبرة بوقت الفعل ، فإذا أذن المؤذن للظهر أو للعصر وخرج المسافر وجاوز عامر البلد شرع له أن يقصر الصلاة الرباعية فالعبرة بوقت الفعل لا بوقت الخروج من البلد ، لأنه وقت الفعل مسافر .
من برنامج (نور على الدرب) ، الشريط رقم (11) .
من سافر إلى بلد له فيها قريب مسافة قصر فيعتبر مسافرا
س : إذا سافر شخص من الرياض إلى مكة وفي طريقه مر على القصيم ويوجد في القصيم بعض أقربائه فجلس عندهم يومين ، فهل يعتبر مسافرا أو مقيما؟
ج : هذا يعتبر مسافرا ما دام في غير وطنه ، ولو كان فيه قريب له كأخ أو أخت أو غيرهما ، لكن لا يصلي وحده بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا لوجوب الصلاة في الجماعة ، أما إذا كان معه شخص آخر أو أكثر فلهم أن يصلوا قصرا ، ولهم أن يصلوا مع جماعة البلد ويتموا . أما إن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فإن عليه أن يتم الصلاة الرباعية سواء كان المسافر واحدا أو كانوا جماعة .
من برنامج (نور على الدرب) ، الشريط رقم (11) .
حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة
س: سائل يسأل ويقول سافرت إلى مكة المكرمة لأداء العمرة وأدركتني صلاة الجمعة وأنا بالقرب من إحدى المدن على الطريق وصليت الجمعة مع المسلمين في الجامع وبعد أداء الصلاة وحيث إني مسافر أقمت وصليت العصر فهل عملي هذا جائز؟ أفتونا مأجورين .
ج: ليس هناك دليل فيما نعلم يدل على جواز جمع العصر مع الجمعة ، ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، فالواجب ترك ذلك ، وعلى من فعل ذلك أن يعيد صلاة العصر إذا دخل وقتها . وفق الله الجميع .
سؤال موجه من ع . س . من الرياض في مجلس سماحته .
حكم الجمع للمقيم
س: ما حكم الله ورسوله في قوم يجمعون بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء دائما وهم مقيمون؟
ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله أن الواجب أن تصلي الصلوات الخمس في أوقاتها الخمسة ، وأنه لا يجوز أن يجمع بين الظهر والعصر ولا بين المغرب والعشاء إلا لعذر كالمرض والسفر والمطر ونحوها مما يشق معه المجيء إلى المساجد لكل صلاة في وقتها من الصلوات الأربع المذكورة ، وقد وقت الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم في أوقاتها الخمسة جبرائيل عليه السلام فصلى به في وقت كل واحدة في أوله وآخره في يومين ، ثم قال له عليه الصلاة والسلام بعد ما صلى به الظهر في وقتها والعصر في وقتها: الصلاة بين هذين الوقتين ، وهكذا لما صلى به المغرب في وقتها والعشاء في وقتها قال: الصلاة بين هذين الوقتين .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك فأجاب السائل بالفعل ، فصلى الصلوات الخمس في اليوم الأول بعد السؤال في أول وقتها وصلى في اليوم الثاني الصلوات الخمس في آخر وقتها ثم قال: الصلاة فيما بين هذين الوقتين
وأما ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة ثمانا جميعا وسبعا جميعا وجاء في رواية مسلم في صحيحه أن المراد بذلك: الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء . وقال في روايته: من غير خوف ولا مطر وفي لفظ آخر: من غير خوف ولا سفر
فالجواب أن يقال: قد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك فقال: لئلا يحرج أمته ، قال أهل العلم: معنى ذلك لئلا يوقعهم في الحرج .
وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة لسبب يقتضي رفع الحرج والمشقة عن الصحابة في ذلك اليوم ، إما لمرض عام ، وإما لدحض وإما لغير ذلك من الأعذار التي يحصل بها المشقة على الصحابة ذلك اليوم ، وقال بعضهم إنه جمع صوري وهو أنه أخر الظهر إلى آخر وقتها ، وقدم العصر في أول وقتها ، وأخر المغرب إلى آخر وقتها ، وقدم العشاء في أول وقتها .
وقد روى ذلك النسائي عن ابن عباس راوي الحديث كما قاله الشوكاني في ( النيل ) وهو محتمل ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما في هذا الحديث أن هذا العمل تكرر من النبي صلى الله عليه وسلم بل ظاهره أنه إنما وقع منه مرة واحدة ، قال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله ما معناه: إنه ليس في كتابه- يعني الجامع- حديث أجمع العلماء على ترك العمل به سوى هذا الحديث ، وحديث آخر في قتل شارب المسكر في الرابعة ، ومراده أن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الجمع إلا بعذر شرعي .
وأنهم قد أجمعوا على أن جمع النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في هذا الحديث محمول على أنه وقع لعذر جمعا بينه وبين بقية الأحاديث الصحيحة الكثيرة الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي كل صلاة في وقتها ولا يجمع بين الصلتتين إلا لعذر وهكذا خلفاؤه الراشدون وأصحابه جميعا رضي الله عنهم والعلماء بعدهم ساروا على هذا السبيل ومنعوا من الجمع إلا من عذر ، سوى جماعة نقل عنهم صاحب النيل جواز الجمع إذا لم يتخذ خلقا ولا عادة وهو قول مردود للأدلة السابقة وبإجماع من قبلهم .
وبهذا يعلم السائل أن هذا الحديث ليس فيه ما يخالف الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الجمع بين الصلتتين بدون عذر شرعي ، بل هو محمول على ما يوافقها ولا يخالفها؛ لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية يصدق بعضها بعضا ويفسر بعضها بعضا ويحمل مطلقها على مقيدها ويخص عامها بخاصها ، وهكذا كتاب الله المبين يصدق بعضه بعضا ويفسر بعضه بعضا ، قال الله سبحانه: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ وقال عز وجل: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ الآية .
والمعنى أنه مع إحكامه وتفصيله يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا ، وهكذا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم سواء بسواء كما تقدم . والله ولي التوفيق .
0 التعليقات:
Enregistrer un commentaire